ترتبط جميع العلوم بكل فروعها ارتباطا مباشرا بتطور المجتمعات البشریة، وما علم الاقتصاد إلا واحد منها، فلقد اقترن وجود المجتمعات البشریة بحقیقتین متلازمتین الأولى مرتبطة بتعدد الحاجات الانسانیة وتزایدها المستمر، والثانیة متعلقة بندرة ومحدودیة الموارد المتاحة اللازمة لتلبیة تلك الحاجات، فتوجه علم الاقتصاد نحو دراسة السلوك الاقتصادي للإنسان والمجتمع من أجل التوصل لتحقیق مستوى من التوازن بین هاتین الحقیقتین، فهو یسعى إذا من خلال تحلیله وتفسیره لمختلف الظواهر والأنشطة الاقتصادیة والتي لا تخرج عن دائرة الانتاج، التوزیع، الاستهلاك، الادخار والاستثمار إلى مساعدة الفرد والمجتمع على اتخاذ القرارات المثلى حول كیفیة استخدام الموارد المحدودة في تلبیة الحاجات، والتوجه نحو أفضل البدائل للتنسیق بین الامكانیات و المتطلبات.

على ضوء ذلك يجد الطالب الدارس لعلم الجغرافيا وتهيئة الإقليم نفسه في حاجة ماسة لدراسة علم الاقتصاد، دراسة عامة وخاصة تبعا للمجال الجغرافي الذي يتعامل معه خصوصا الحضري والريفي، وذلك نظرا لكون تخصص الجغرافيا وتهيئة الإقليم يهدف إلى دراسة مقومات المجال المختلفة وكيفية استغلالها بعقلانية وفق حاجيات المجتمع ودون الإضرار بحقوق الأجيال المستقبلية فيما يعرف بالتنمية المستدامة.

ضمن هذا المنظور تأتي هذه المطبوعة البيداغوجية بمجموعة من المحاضرات المنتقاة بغية منح طلبة ليسانس سنة ثانية شعبة الجغرافيا وتهيئة الإقليم نبذة مختصرة ومهمة وضرورية حول علم الاقتصاد وكيفية توظيفه والاستفادة من مختلف مضامينه لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة ضمن مسعى عام يهدف لتحقيق جودة الحياة والحوكمة بمختلف أشكالها ومضامينها.

تبعا لذلك فقد تم التركيز في اختيار المحاضرات ومحتوياتها على كل ما من شأنه إفادة الطالب ومنحه سلاحا علميا وبيداغوجيا يمكنه من توظيف معارفه المختلفة والمزج بينها ليستفيد ويفيد.